توجهات الناخبين الكويتيين: التعليم ومعالجة الخدمات الصحية وتحسين مستوى المعيشة والطرق.. أولوية شعبية
أجرى مركز آسيا للاستشارات البحثيــــة والاحصائية بالتعــاون مع مركز روافد للبحوث والاستشارات السياسيـة دراسة ميدانية قبل اجراء الانتخابـــات البرلمانيــــة لاستطلاع توجهات الناخبين الكويتيين تجاه انتخابات مجلس الأمة في الكويت في يونيو 2023. وشارك في هذه الدراسة الميدانية عينة من الناخبين الكويتيين بلغ عددها (603) أشخاص من الذكور والإناث ومن مختلف الفئات العمرية والدوائر الانتخابية في الكويت، حيث شملت المتغيرات الديموغرافية لعينة الناخبين في هذه الدراسة (الجنس والفئة العمرية والدخل المادي الشهري والمستوى التعليمي والدائرة الانتخابية). وبلغت نسبة الذكور في هذه الدراسة 55%، في حين بلغت نسبة الإناث 45%. كما كانت نسبة الفئة العمرية (21-35 سنة) في هذه الدراسة 27%، والفئة العمرية (36-50 سنة) 38%، والفئة العمرية (أكبر من 51 سنة) 35%. وفي المقابل، بلغت نسبة المشاركين في هذه الدراسة من الدائرة الانتخابية الأولى 21%، والدائرة الثانية 12%، والدائرة الثالثة 24%، والدائرة الرابعة 20%، والدائرة الخامسة 23%. وفيما يتعلق بمستوى الدخل المادي الشهري، بلغت نسبة المشاركين في هذه الدراسة من أصحاب الدخول المادية الشهرية (1000 دينار كويتي وأقل) 23%، في حين كانت نسبة المشاركين من أصحاب الدخول المادية الشهرية (أعلى من 1000 دينار حتى 2000 دينار كويتي) 43%، وأصحاب الدخول المادية الشهرية الأعلى (أعلى من 2000 دينار كويتي) 34%.
المشاركة في الانتخابات
عند سؤال أفراد عينة الدراسة حول مدى مشاركتهم بانتخابات مجلس الأمة في 6 يونيو 2023، أوضحت نتائج الدراسة أن 68% من أفراد عينة الناخبين في الدائرة الانتخابية الأولى يشاركون، في حين أن 72% في الدائرة الانتخابية الثانية يشاركون في الانتخابات، و62% من الدائرة الانتخابية الثالثة، و71% من الدائرة الانتخابية الرابعة، و65% من الدائرة الانتخابية الخامسة يرغبون في المشاركة. كما تراوحت النسبة الإجمالية لمدى الإقبال على المشاركة في الانتخابات في جميع الدوائر الانتخابية ما بين 62% إلى 72%. وذلك قبل اجراء الانتخابات حيث انخفضت النسبة عن ذلك بعد ظهور النتائج واجراء الانتخابات في يوم الثلاثاء الماضي الموافق ٦ الجاري.
وكشفت الدراسة بأن الذكور من أفراد عينة الناخبين لديهم رغبة في المشاركة في الانتخابات بدرجة أكبر من الإناث، حيث بلغت نسبة الذكور 72%، في حين كانت نسبة الإناث 60%. وهي بصورة عامة تعتبر نسبة جيدة ولا تختلف كثيرا عن نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية السابقة، وهو ما يعتبر مؤشرا جيدا لدرجة الوعي السياسي لدى الناخبين الكويتيين بأهمية المشاركة السياسية في الانتخابات رغم تكرار إجراء الانتخابات خلال فترات زمنية متقاربة خلال الفترة الزمنية الماضية.
وعند استطلاع آراء عينة الناخبين في هذه الدراسة حول مدى شعورهم بالإحباط من تكرار حل وإبطال مجلس الأمة، كشفت نتائج الدراسة الميدانية أن حوالي 80% من أفراد عينة الدراسة من الناخبين الكويتيين يشعرون بحالة من الإحباط.
وتعتبر هذه النتيجة متوقعة نتيجة لتكرار حل وإبطال مجلس الأمة ودعوة الناخبين للمشاركة خلال فترات زمنية متقاربة. كما أن قيام الناخبين الكويتيين بالتجاوب مع الخطاب السامي لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله، والذي ألقاه نيابة عنه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله، في يونيو الماضي، والذي دعا فيه الناخبين الكويتيين إلى حسن الاختيار وتصحيح المسار، حيث شارك الناخبون في الانتخابات الماضية بنسبة كبيرة، إلا أن قيام المحكمة الدستورية بإبطال مجلس الأمة نتيجة لأخطاء إجرائية أصاب الناخبين بحالة من الإحباط.
يتردد كثيرا في الأوساط الشعبية والسياسية فكرة تعليق الدستور وحل مجلس الأمة بشكل دائم، وهو ما يعرف بـ«الحل غير الدستوري». وهو إجراء اتخذ في فترات تاريخية سابقة في عامي 1976، و1986. وعند سؤال أفراد عينة الناخبين في هذه الدراسة حول مدى قبولهم لفكرة الحل غير الدستوري لمجلس الأمة، كشفت الدراسة أن 58% من أفراد عينة الدراسة لا يؤيدون هذه الفكرة.
وهي نتيجة توضح أنه رغم حالة الإحباط التي يعاني منها الشعب الكويتي خلال هذه الفترة، إلا أن غالبية أفراد عينة الناخبين في هذه الدراسة لا يؤيدون إجراء حل مجلس الأمة بشكل دائم وتعليق الدستور. وهي نتيجة متوقعة حيث ترسخت في عقلية الناخب الكويتي أهمية وجود البرلمان في الحياة السياسية في الكويت.
ورغم أن هذه الدراسة أوضحت أن غالبية أفراد عينة الناخبين لا يوافقون على فكرة الحل غير الدستوري، إلا أنها تعتبر أغلبية بسيطة ويجب مقارنتها بدراسات سابقة، حيث لا يمكن تغافل نتيجة هذه الدراسة التي توضح أن 32% يؤيدون فكرة الحل غير الدستوري، وهي نتيجة يمكن أن تتراكم مع مرور الوقت وتزيد نتيجة لتزايد حالة الإحباط خلال هذه الفترة.
أولويات الناخبين الكويتيين
أوضحت الدراسة نتيجة مثيرة للاهتمام وهي أن أولويات وقضايا الناخب الكويتي لم تختلف من دائرة إلى أخرى. وهذا يعتبر مؤشرا مهما على وجود قواسم مشتركة بين المواطنين في الكويت باختلاف المناطق التي يقطنون فيها، ما يرجع إلى صغر مساحة الكويت الجغرافية وتقارب المستويات الاجتماعية والاقتصادية بين مواطنيها إلى حد كبير.
وكشفت الدراسة أن القضية التي احتلت المرتبة الأولى من حيث الأولويات لدى الناخب الكويتي في جميع الدوائر الانتخابية كانت «جودة التعليم»، حيث حصلت على درجة 9.45 من أصل 10 درجات. في حين كانت القضية الثانية في سلم أولويات الناخب الكويتي هي «القضية الإسكانية»، حيث حصلت على درجة 8.64 من أصل 10 درجات. وجاءت قضية «الخدمات الصحية» بدرجة مقاربة في المرتبة الثالثة بدرجة 8.58 من أصل 10 درجات.
في حين جاءت قضية «تعديل التركيبة السكانية» في المرتبة الرابعة من حيث الأولويات بدرجة 6.51 من أصل 10 درجات. كما جاءت قضية «الحفاظ على الهوية الوطنية» في المرتبة الخامسة بدرجة 6.42، وقضية «إصلاح الطرق والمرافق العامة» في المرتبة السادسة بدرجة 5.71. في حين جاءت قضية «زيادة الرواتب» في المرتبة السابعة بدرجة 4.96، وقضية «تطبيق الشريعة الإسلامية» في المرتبة الثامنة بدرجة 4.68، وقضية «إسقاط القروض» في المرتبة التاسعة بدرجة 3.98. وأخيرا جاءت قضية «دعم السياحة والترفيه» وقضية «تعديل النظام الانتخابي» في المرتبة العاشرة والحادية عشرة بدرجة 3.94، و3.14 على التوالي.
وتوضح هذه النتائج أن قضية التعليم تبقى هي الهاجس الرئيس لجميع الناخبين على اختلاف مناطقهم الانتخابية، وهذا الأمر يرجع إلى وعي المواطن الكويتي بأهمية ومركزية قضية التعليم باعتبارها حجر الأساس في تطوير وتنمية البلاد، وكذلك إدراك المواطن الكويتي بأن إصلاح التعليم في المقام الأول من شأنه أن يؤدي إلى إصلاح بقية الملفات والقضايا في الكويت. وهي لا شك تعتبر نتيجة إيجابية تشير إلى ارتفاع مستوى الوعي لدى الناخب الكويتي. كما تأتي «القضية الإسكانية» في قمة أولويات المواطن الكويتي باعتبارها قضية تشكل هاجسا يؤرق الأسرة الكويتية على مدى سنوات طويلة.
الخلاصة
كشفت هذه الدراسة الميدانية لاستطلاع توجهات الناخبين الكويتيين تجاه انتخابات مجلس الأمة الكويتي في عام 2023 أن نسبة كبيرة من أفراد عينة الناخبين في هذه الدراسة أبدت رغبة في المشاركة في الانتخابات البرلمانية رغم تكرار إجراء الانتخابات خلال فترات زمنية متقاربة. وفي المقابل، فقد أوضحت هذه الدراسة أن غالبية أفراد عينة الدراسة من الناخبين يشعرون بحالة من الإحباط جراء تكرار حل وإبطال مجلس الأمة خلال الفترة الزمنية السابقة. في حين وجدت الدراسة أن غالبية أفراد عينة الدراسة من الناخبين لا يوافقون على فكرة تعليق الدستور والحل غير الدستوري لمجلس الأمة. كما كشفت الدراسة عن نتائج مهمة وهي أن القضايا التي تشكل أولوية لدى الناخبين الكويتيين تركزت في قضايا التعليم والقضية الإسكانية وتحسين الخدمات الصحية. وهي القضايا المرتبطة بمعيشة المواطن الكويتي وحياته اليومية. كما كشفت هذه الدراسة أن قضايا مثل إسقاط القروض أو زيادة الرواتب تشكل قضايا أقل أهمية مقارنة بالأولويات التعليمية والإسكانية والصحية. وهي لا شك تعتبر نتائج مهمة يمكن أن تعطي متخذ القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية صورة أوضح حول ماهية أولويات المواطن الكويتي.