اخبار

مستقبل العلاقة بين السلطتين طريق مفتوح أم أفق مسدود؟

ملخص تنفيذي

في مستهل عام جديد شهدت أروقة مجلس الأمة الكويتي لقاءً تنسيقيا بين السلطتين في محاولة مبكرة لنزع فتيل الأزمة بينهما حول عدد من المقترحات النيابية المدفوعة بضغوط شعبية، الحكومة طالبت النواب بضرورة التعاون خلال المرحلة القادمة وإغلاق ملف القروض.

وبحسب مصادر نيابية أبلغ سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح النواب بأن الحكومة حريصة على تقديم مشروعات متكاملة تنهض بالمستوى المعيشي للمواطن، لكن الضغط بمقترحات لها تبعات مالية كبيرة يحتاج إلى وقفة ودراسة متأنية.

بالمقابل وصف عدد من النواب الاجتماع بأنه غير إيجابي، وأن الحضور الحكومي كان بلا رؤية، معتبرين أن الاجتماع لم يشهد إلا الوعود، ولم يلب تطلعات الشعب أو النواب.

في هذه الورقة نرصد ونفكك مسارات المشهد السياسي المقبل بين السلطتين في ظل وقائع هذا الاجتماع وردود الفعل النيابية وتداعياته المحتملة.

المطالب الحكومية

بحسب المصادر فقد طالبت الحكومة النواب بما يلي:

– ضرورة تعزيز التعاون مع الحكومة بشكل يمكن من تجاوز العقبات.

– منح الحكومة الفرصة الكافية لتلبية التطلعات وترجمة خططها على أرض الواقع.

– انتقدت الحكومة سيل الأسئلة البرلمانية المتدفقة على الوزراء، التي تحتاج إلى جهد كبير في الرد عليها.

– جددت الحكومة رفضها للدفع بملف القروض.

فتيل الأزمة الحالية

يشكل ملف القروض فتيل الأزمة الحالية بين السلطتين وتتلخص رؤية الحكومة لمعالجة ملف القروض على النحو التالي:

– أوصلت الحكومة رسالة واضحة للنواب تفيد بأن التصورات الحكومية لمعالجة ملف القروض تتمثل في بدائل تحسين المستوى المعيشي، ومن بينها رفع الرواتب التقاعدية، ومشروع البديل الإستراتيجي لعدالة الرواتب وتحسينها.

– كشف بنك الكويت المركزي ان عدد الكويتيين الحاصلين على قرض تمويل شخصي لأغراض استهلاكية وإسكانية من كل الجهات الدائنة (البنوك وشركات الاستثمار وشركات التمويل) بلغ 550 ألف مقترض، وأن نسبة العملاء المتعثرين في سداد تلك القروض تبلغ %2.3 من إجمالي عدد المقترضين. وقال «المركزي» إن رصيد محفظة القروض/ التمويل للأغراض الاستهلاكية والإسكانية المقدمة للكويتيين بلغ اجماليها نحو 14.7 مليار دينار، موزعة على قروض استهلاكية بقيمة 1.7 مليار دينار، وقروض إسكانية بقيمة 13 مليار دينار، وذلك وفقاً لبيانات شركة شبكة المعلومات الائتمانية Ci-Net، كما في نهاية نوفمبر 2022.

ردود الفعل النيابية على الاجتماع

من خلال الرصد تتلخص تصريحات النواب المعقبة على الاجتماع فيما يلي:

قال النائب سعود العصفور إن الاجتماع بين الحكومة وعدد من النواب كان اجتماعاً بلا نتيجة حقيقية أو ملموسة. وأضاف: «لم تتقدم الحكومة بأية بدائل عملية للمطالبات النيابية، ولم أسمع شخصياً إلا المزيد من الوعود، وكنت أتوقع أن تكون الحكومة أكثر تحضيراً للاجتماع»

ومن جانبه قال النائب أحمد العبيد إن الاجتماع كان إيجابياً وتم الاتفاق مع الحكومة على سرعة إنجاز أهم القضايا التنموية، كتحسين المعيشة للمواطنين وتعديل سلم الرواتب وتعديل الخلل بالتركيبة السكانية، ومسألة القروض كانت محل نقاش لكنها بلا بيانات ودون تحديد الشرائح ولا التكلفة الاجمالية المستهدفة، ولهذا كانت تحتاج الى بيانات والمزيد من الايضاحات، وتم تكليف وزير المالية تسليم بيانات شاملة في هذا الموضوع.

أما النائبة جنان بوشهري فترى أن أغلب أعضاء الحكومة غير مدركين للمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقهم تجاه الوطن والمواطنين، وبعيدون عن الفهم السياسي للواقع، وهذا الوضع يستوجب من رئيس الوزراء إصلاحه حتى يتحقق التعاون.

وكشف مقرر اللجنة المالية البرلمانية النائب صالح عاشور أن الحكومة لم تحل للجنة أي تصورات عن تحسين مستوى المعيشة للمواطن حتى الآن، ولم تقدم رؤيتها عن زيادة المعاشات التقاعدية أو زيادة رواتب المواطنين أو البديل الإستراتيجي.

في المقابل، أكدت النائبة عالية الخالد أن قانون القروض ليس حلاً، وقد يسقط دستورياً من باب عدم تحقيق العدالة، مشددة على أهمية السير وفق نهج ورؤية مستقبليين يحققان الاستقرار والعدالة من دون الضرر بأحد.

من جهته، رأى النائب مبارك الحجرف أن «حضور جلسة القروض وإقرار القانون ليس محل نقاش، بل واجب واستحقاق».

فيما قال النائب فيصل الكندري إن الحكومة حضرت الاجتماع بلا رؤية لحل قضايا الشعب الكويتي ولا تحقق الطموح، مؤشر سلبي ونحن لا نقبل بذلك. لقد جئنا ببرنامج واضح لتبني قضايا الشعب والبلد، وإذا لم تبد الحكومة مرونة في هذا الملف فلتستعد للمرحلة الاسوأ بين السلطتين وأخيراً الاجتماع غير إيجابي.

وأضاف: رئيس الحكومة قال في بداية الاجتماع «قد تكون هذه آخر مرة أقعد معكم»، مشيراً إلى أننا نفهم هذا الأمر سياسياً وأنه يعتبر تهديداً بالحل. وأضاف: «الحل لن يخيفنا يا أخي سمو الرئيس، فلديك ورقتك وقلمك وارفع عدم التعاون».

وشدد النائب فيصل الكندري على أن جلسة 10 يناير مفصلية ويجب التصويت فيها على قوانين شراء المديونيات وزيادات المتقاعدين والفوائد غير القانونية بالمداولتين، مشيراً إلى أن إعادة تقارير اللجنة المالية هو وأد للقوانين الشعبية.

وفي محاولة لحلحة الأزمة بين السلطتين وتجنب سيناريو الحل ورفع كتاب عدم التعاون رسم 10 نواب خريطة طريق تشريعية لدور انعقاد مجلس الأمة الحالي عبر رسالة رفعوها إلى المجلس باستعجال اللجان في إنجاز تقاريرها عن حزمة قوانين وتوزيع مناقشتها على الجلسات حتى جلسة 4 يوليو 2023.

وطلبت الرسالة مناقشة القوانين المدرجة خلال جلسة الغد على أن يستكمل غير المنجز منها في الجلسات التي تليها، على أن يتم منح أولوية للقوانين المتعلقة بالتنمية وتحسين المستوى المعيشي.

وحدد النواب في رسالتهم جلسة 24 يناير لمناقشة تعديلات اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، والبديل الإستراتيجي (هيكلة الأجور وتعديل سلم الرواتب).

ويضم جدول أعمال جلسة مجلس الأمة المقررة الثلاثاء 10/1/2023، الكثير من القضايا الخلافية بين السلطتين، بداية من تقارير اللجنة المالية البرلمانية، ومرورا بتعديلات النظام الانتخابي التي أُدرجت تقاريرها رغم طلب الحكومة مهلة لدراستها.

ويتضمن جدول أعمال المجلس، تقارير أنجزتها لجنة شؤون الداخلية والدفاع، بشأن تعديل النظام الانتخابي وفق «القوائم النسبية»، وإلغاء قانون «حرمان المسيء»، وإنشاء المفوضية العليا للانتخابات.

وأصدر 22 نائبًا بيانًا أكدوا فيه رفضهم اختزال أولويات الشعب بتشريعات بعينها دون غيرها، مشددين على أن تخيف معاناة المواطنين حق، وتحسين المستوى المعيشي واجب، والمطلوب أداء المهمة وفق دراسات جادة وحقيقية بجدول زمني معلوم ومحدد وليس الاكتفاء بإبراء الذمة.

وأكد الموقعون على البيان أن التلويح بحل المجلس لعبور كل خلاف سياسي لن يزيدنا إلا ثباتًا وتأكيدًا على استخدام أدواتنا الدستورية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم التعامل مع الخلافات إلا من خلال الأطر التي رسمها الدستور عبر احترام حق ممثلي الأمة بالتشريع والرقابة.

مسار التوقعات المحتملة:

– وفقا لمجريات اللقاء التنسيقي الذي عقد بين السلطتين فيما يبدو أن عوامل التأزيم بين السلطتين أكبر من مساحات التوافق المشتركة حول العديد من الملفات المثارة وهو ما يهدد استمرار المجلس الحالي.

– من المتوقع تقديم عدد من الاستجوابات لرئيس الوزراء أو أحد وزرائه خلال المرحلة القادمة بسبب الملفات المختلف عليها مثل ملف القروض.

– إذا لم يمنح النواب الحكومة الفرصة الكافية لتلبية التطلعات وترجمة خططها على أرض الواقع كما طلبت فقد يضطر رئيس الوزراء للتلويح بتقديم الاستقالة مدفوعاً بدعوى عدم التعاون.

– فيما يبدو أن الحكومة أوصلت رسالة للنواب مُفادها أن تصحيح المسار قد يستغرق وقتًا طويلا وليست الحكومة مستعدة لأن تلبي كل المطالب النيابية تحت الضغط والتهديد بالأدوات البرلمانية.

– ومن المتوقع أن تكون جلسة الثلاثاء 10/1/2023 اختبارًا للسلطتين في فتح آفاق جديدة للتعاون أو الوصول إلى نهاية النفق وإعلان عدم التعاون.

المصدر : أحوال الكويت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى